Sunday, September 23, 2007

فن الأيقونة

فن الأيقونة

تعد الفنون الجميلة بحق من أنبل نشاطات العقل الإنساني ، ولا سيما الفن الديني وفي قمته الفن الكنسي المقدس . أنها تهدف بطبيعتها إلى نوع من التعبير ، في الأعمال البشرية ، عن الجمال الإلهي الغير المحدود ، وقد انقطعت إلى حمد الله وتمجيده بقدر ما انحصر همها في أن تؤدي بأعمالها إلى توجيه نفوس البشر إلى الله على أوسع وجه

والأم الكنيسة اهتمت بالفنون الجميلة ، من أجل أن تكون الأشياء المتعلقة بالعبادة المقدسـة على جانب كبير من اللياقة والتناسق والجمال بحيث تسير وترمز إلى الأمور العلوية
كما أن الكنيسة لم تلتزم بطراز فني واحد على أنه طرازها الخاص ، ولكنها تقلبت أنواع كل عصور ، وفاقد لطبائع الشعوب وأوضاعهم ، ورفاقاً لمتقاضيات شتّى الطقوس ، فكان لها من ذلك كلهُ على مر القرون كنز فني يجب الحفاظ عليه بكل عناية
لكن نجد البعض يـسيئون فهم حقيقة الإيمان الذي تحمله تلك الأيقونات المقدسة ، بالنسبة للكنيسة الجامعـة المقدسـة الرسولية ، والتي أخذت وديعة الإيمان من السيد المسيح عن طريق رسلهُ القـديسين ، وحيث أوكل إليها سلطان خلاص النفوس " طوبى لك يا سمعان … أنت صخرٌ وعـلى الصخر هذا سـأبني كـنيستـي … وسـأعطيك مفاتيح مـلكـوت السموات .فما ربطته في الأرض ربـط في السموات ، ومـا حللتـهُ في الأرض حـُل في السموات " متى 16 : 17 – 19

وإذ وجدت الكنيسة المقدسة الرسولية ، بالأيقونة إيماناً يتجاوب مع حاجات الإنسان ، فمنذ فجر المسيحية ، والجماعات الأولى المسيحية ، تلجئ إلى النقوش والرسوم ، التي تعبر عن إيمانها ، كرسمة السمكة ، والتي تحمل باللغة اليونانية من أسمها ، لكل حرف من تكوين كلمة سمكة { } ؛ يسوع المسيح أبن الله المخلص . وأقطاف العنب ، والتي ترمز إلى الكرمة ، التي أخذ منها الخمر { دم السيد المسيح } . وسنبلة القمح ، التي ترمز إلى { جسد السيد المسيح } . فالإنسان ليس روحاً وعقلاً بحت ، يستطيع أن يبقى في التجريدات الروحية والعقلية فقط ، وإنما هو لحم ودم ، إن لم يأكل ويشرب ويتنفس يموت ، فتلك الحاجة الجسدية إلى شيء حسي وملموس كدافع لرباط ما بين الإنسان والله الغير المدرك ، سعياً للاتحاد معه ، كانت الأيقونة خير وسيلة تخدم تلك الحاجة
ومن الناس من أعتقد أن الأيقونات ( الصور المقدسة ) والصليب الخشب ، موضوع عبادة ، فسقطوا في خطأ كبير ، فالأيقونات المقدسة هي موضوع تكريم فقط لا موضوع عبادة ، لمن تحمل في موضوعها ، لا لورقة وألوان وإطار مزركش . فأن قبلت صورة أخ لي بعيد عن نظري ولم ألمسه بيدي ، أو صورة إنسان احبه فارق الحياة ، فأنا لا أفعل ذلك لأقبل الورقة والألوان والبرواز ، وإنما أقبل من تحمل تلك الصورة للشخص ذاته ، أي أننا نلـمس حضوراً وجوديا لشخص نحبه في حياتنا ، ولكننا لا نراه أو نلمسه أو نحدثه وجها لوجه . وتلك حاجة إنسانية لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها بشكل أو بأخر ، إذ إنها بعد وجودي فطري منذ أن كان هناك إنسان ، ونذكر مثالاُ عبادة الأصنام من الحجارة أو تمرٍ وعبادة الشمس والقمر و … الخ قبل أن يصل الإنسان إلى وعي لله الحقيقي خالق الوجود . فالعبادة كل العبادة هي لله وحده فقط
وإذ يرتكز البعض على أية الخروج ( 20 : 4 – 5 ) " لا تصنع لك منحوتا ولا صورة شيء مما في السماء من فوق ، ولا مما في الأرض من أسفل ، ولا مما في الماء من تحت الأرض ، لا تسجد لها ولا تعبدها ،لأني أنا الرب إلهك إله غيور … " فقد نسي هؤلء ، أنه عندما صعد موسى إلى الجبل ليحضر الوصايا وعاد وجد أن الشعب يعبد عجل الذهب ،خروج " ( 23 : 3 – 4 ) فنزع كل الشعب حلقات الذهب التي في آذانهم وأتوا بها هارون. فأخذها وصبها في قالب وصنعها عجلا … " وقال الرب لموسى " هلم أنزل ، فقد فسد شعبك الذي أصعدته من مصر ، فسرعان ما حادوا عن الطريق الذي أمرتهم به ، وصنعوا لأنفسهم عجلاً مسكوباً ، فسجدوا له وذبحوا له وقالوا : هذه ألهتك ، يا إسرائيل التي أصعدك من أرض مصر " وقال الرب لموسى : لقد رأيت هذا الشعب ، فـإذا هــو شـعب قـاسـي الـرقـاب ، والآن دعني ، ليضطرم غضبي عليهم فأفنيهم ، وأما أنت فأجعلك أمة عظيمة " خروج 32 : 7 – 10

نستنتج مما مضى ما يلي
1. أن الشعب المختار كان متأثراً بعقلية عبادة الأوثان ، التي في نظره الآلهة الحقيقية
2. هناك تعدد للآلهة في عبادته " هذه آلهتكِ ، يا إسرائيل "
3. تركز الآية " خروج 20 : 5 " على فكرة العبادة للصورة والأصنام
لكن من ناحية أخرى ، نجد أن الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة ، تنظر إلى الله والأيقونة المقدسة من رؤية تختلف كل الاختلاف عن النظرة السابقة ، أو كما يدعي البعض ضدها ، وهي بريئة كـل البراءة من تهمهم وادعاءهم التي لا أساس للصحة فيها
1. فالعبادة كل العبادة لله وحده فقط ، لكن ما تحمل تلك الأيقونات هو موضوع التكريم فقط
2. الكنيسة لا تعبد آلهة " هذه آلهتك ، يا إسرائيل " بل إله واحد في ثلاث أقانيم ، أظهر لنا ذاته في التاريخ ، في يوم عماد السيد المسيح ، والذي تسميه الكنيسة المقدسة ب " عيد الظهور الإلهي " . والسيد المسيح الذي قال أنا والأب واحد من رآني فقد رأى الأب . أي أن الإله أصبح منظوراً
وهكذا ، فالنقطة الثانية تفتح تساؤلا أخراً وهو ، أن الله قال لموسى في العهد القديم ، " أما وجهي فلا تستطيع أن تراه لأنه لا يراني إنسان ويبقى حياً " خروج 33 : 20 ، ونعلم أنه بلغ ملئ الزمان تجسد الإله " غلاطية 4 : 4 أي أن الإله أصبح جسدا ولم يعد روحا محضا مجردا ، أصبح ملموسا ومحسوسا ، " أنا والأب واحد " أصبح الإله مجسدا في الإنسان ، ولم يعد فكرة غريبة عن الإنسان ، بل واقعا ملموسا ومعاشا من خلال خبرة إيمان الكنيسة الأولى والرسل في الإنجيل المقدس ، مع السيد المسيح الإله الحقيقي . فهل من عذر بعد الآن لعمل الأيقونات المقدسة ، وأصبح إنسانا بالجسد
ومن هنا بات علينا أن نتنبه إلى حقيقة الآية خروج 20 : 4 – 5 . لذا لا بد من فهم الكتاب المقدس ضمن الإطار التاريخي للأحداث ، منعا للالتباس في فهم كلمة الله بالشكل الصحيح . فالكتاب المقدس حياة عيشة وشهادة حياة لأشخاص لمسوا الوعد الصادق من الله والخلاص الذي حل في شخص ابنه يسوع المسيح ، وأن الكتاب المقدس من ناحية أخرى بما في بيئة تاريخية وجغرافية ، فقد حمل الكتاب بإلهام الروحي من الله ، حملوا كل ما يحمله الزمان والمكان ، الأساليب الأدبية والقوالب الفكرية والأنماط اللغوية والتيارات والمدارس الفكرية لذلك الوقت ، لتعبر في النهاية عن الخبرة الإيمانية الروحية العميقة ما بين الله والإنسان في الكتاب المقدس وحياة الكنيسة
يبقى أن أقول بأن الأيقونة ، ليست مجرد ألوان جميلة ورسمه جميلة ، بل هي خبرة إيمان حملها آباء الكنيسة وشعبها المختار المقدس في طيات إيمانه لتعبر برموزها اللونية والفنية عن الأبعاد والنوافذ التي تفتحها أمام الإنسان المسيحي المؤمن مع الله في بعده اللامحدود ، ويصبح حضورا حيا في داخل الإنسان

مفهوم الإيمان المسيحي


مفهوم الإيمان المسيحي

تشهدُ المسيحيةُ في نهايةِ هذا القرنِ العشرين ومطلعِ القرنِ الحالي ظاهرتين متناقضتين ، فمن جهةٍ وعندَ فئاتٍ كثيرةٍ من الشعبِ فتورٌ في الممارساتِ الدينيةِ وابتعادٌ عن الإيمان وإلحادٌ . ومن جهةٍ أخرى وعندَ فئاتٍ من الشعبِ لا تقلُ عدداً عن الأولى عودةٌ إلى القيمِ الروحيةِ ورغبةٌ متزايدةٌ في التعمّقِ في مختلفِ أبعادِ الإيمانِ والدين
لقد كانَ يومَ ظنَّ فيهِ الإنسانُ أن العلمَ سيحلُّ كلَّ مشكلاتهِ ، فتطوّرَ العلمُ وبلغَ بالإنسانِ ولا سيّما في البلدان الراقيةِ قمّةَ الرفاهيةِ وبحبوحةِ العيشِ ، إلا أنهُ لم يتمكنْ من مساعدةِ الإنسانِ على إزالةِ ما يشعرُ بهِ في أعماقِ كيانهِ من فراغٍ وضياعٍ
وكانَ يومَ ظنَّ فيهِ الإنسانُ أن مشكلاتهِ ناتجةٌ عن رزوحهِ تحتَ نير العبوديةِ والطغيانِ والاستعمارِ وأنَ الثوراتِ هي السبيلُ الوحيدُ للبلوغِ بالبشرِ إلى الحـرّيّةِ والأخوةِ والمساواةِ ، فقامتْ الثوراتُ وتبدّلتْ الحكوماتُ وأُنشئت أنظمةٌ جديدةٌ حاولت ضمانَ الحرّيّاتِ والحقوقِ للأفرادِ والجماعاتِ . إلا أنّ شيئاً لم يتغيَّرَ لا في حياةِ الإنسانِ الاجتماعيةِ ولا في عمقِ كيانه .فقد ظلَّ في حياتهِ الاجتماعيةِ والسياسيةِ عرضةً للتعسّفِ وكبتِّ الحرّيّات وشتّى المظالمِ ، وبقيَ في أعماقِ كيانهِ حائراً ضائعاً غريباً عن ذاتهِ
فلا بدَّ والحالةُ هذه من إعادةِ طرحِ موضوعِ الإيمانِ والدينِ بشكلٍ جذري . فالابتعادُ عن الإيمانِ ورفضِ الدينِ ، هل هما ابتعادٌ عن الإيمانِ الحقيقي ورفضٌ للدينِ الصحيحِ ، أم أنّهما ليسا في الواقعِ سوى ابتعادٍ عن إيمانٍ مزيّفٍ ورفضٍ لدينٍ خاطئ ٍ بها
أنّ التحدّياتِ التي يجابهُهُا الدينُ المسيحي اليومَ من قبلِ الفلسفاتِ الملحدةِ التي ترفضُ وجودَ الله . وإن من قبل الأديانِ الأخرى التي يحسبُ كلٌّ منها ذاتَهُ الدينَ القويمَ ، وإن من قبلِ الشيعِ المسيحيةِ التي تعدُ نفسَها مالكَ الحقيقةِ دونَ سواها من الكنائسِ الأصيلةِ التي أوكلها السيدُ المسيحِ عبرَ الرسلِ لحملِ مشعلِ الإيمانِ للأمم أجمعين بطريقةٍ أو بأخرى ، وإن من قبل ما أحرزهُ العقلُ البشري في ميادينِ العلمِ والتقنيةِ ، تحتّمُ علينا ( التحدّيات ) العودةَ إلى الأسسِ التي بُنيَ عليها إيمانُنا للتأكدِ من قوةِ ثباتِها ومدى ملاءمتِها للإنسانِ المعاصرِ
هدفُنا في هذه المقالةِ هو هدفٌ مزدوجٌ ، عرضٌ لموضوعِ الإيمانِ ؛ وعقائدُ الإيمانِ المسيحي ، وسيقتصرُ عملُنا على عرضٍ موضوعيٍ لما نؤمنُ بهِ نحنُ المسيحيين
لذا لا بدّ في بادئ الأمرِ من التطرقِ إلى الإيمانِ بالذاتِ لتعريفهِ وعلى أنهُ جوابُ الإنسانِ وماذا نجدُ في قانونِ الإيمانِ من عقائدَ إيمانيةٍ نؤمنُ بها إيماناً ثابتاً بكلِّ ما أوحاهُ الله
الإيمانُ : هو التصديقُ المطلقُ ؛ نقيضُ الكفرِ ؛ وهو فضيلةٌ فائقةُ الطبيعيةِ . وجوابُ الإنسانِ على دعوةِ الله .
أولاً : تعريفُ الكلمةِ:
بالنسبةِ للكتابِ المقدّس ، الإيمانُ هو منبعُ ومركزٌ للحياةِ الدينيةِ أجمع . وعلى الإنسانِ أن يتجاوبَ بالإيمانِ مع قصدِ اللهِ الذي يحققهُ خلالَ الزمن
وتعني في الأصلِ : " أمان " الذي يوحي بالصلابةِ والاستقرارِ ، و " بطح " الذي يوحي بالأمنِ والثقةِ
والإيمانُ بحسبِ الكتابِ المقدّسِ ، يوحي بقطبينِ : فمن جهةِ الثقةِ التي تتجهُ نحو الشخصِ " أمين " ، وتلزمُ الإنسانَ بكلّيتهِ ؛ ومنِ جهةٍ أخرى ، مسعىَ العقلِ الذي تتيحُ له كلمةُ أو بعضُ العلاماتِ ، بلوغَ حقائقَ لا يعاينها ( عبرانيين 11 : 1 )
والإيمانُ باللهِ ، في المسيحيةِ ، هو الإيمانُ بأنَ اللهَ هو أبٌ لجميعِ البشر، وبأنَ هذا الأبَ قد أوحى لنا بذاتهِ في شخصِ أبنهِ ، يسوعَ المسيحِ ليصبحَ كلُّ إنسانٍ في المسيحِ أبناً للهِ ، من خلال الروحِ القدسِ
والهدفُ من الإيمانِ باللهِ هو البلوغَ بالإنسانِ إلى أن يحيا في ذاتهِ حياةَ اللهِ ، فيقيمُ اللهُ فيهِ ويقيمُ هو في اللهِ ، عندئذٍ يسيطرُ على قلقهِ وضياعهِ وتغرّبهِ ، ويجدد كيانهُ على صورةِ المسيحِ يسوعَ أبنِ اللهِ القـائلِ : " أنا في الآبِ والآبُ فيَّ " ( يوحنّا 14 : 10 )
وهكذا فالإيمانُ باللهِ الخالقُ هو نتيجةُ لقاءٍ بينَ كشفِ اللهِ عن ذاتهِ وخبرةِ الإنسانِ لمحبةِ اللهِ
فالإيمانُ هو أن تثقَ باللهِ الذي رعاكَ إلى معرفةٍ أعمقَ لسرّهِ من خلالِ كلمتهِ يسوعَ المسيحِ ، وهكذا يكونُ الإيمانُ ، جوابَ الإنسانِ الذي يدعوهُ اللهُ إلى الدخولِ في سرّهِ لا بل في حياتهِ
ثانياً : الإيمانُ جوابُ الإنسانِ:
اللهُ يبحثُ عن الإنسانِ:
ما يمـيّزُ المسيحيةِ بالعمقِ أن اللهَ يدعـو الإنسانَ . ولذا يبقى إيمـانُ الإنسانِ باللهِ نـاقصاً إذا لم يـدعْهُ اللهُ . ولولا هيامُ اللهِ بالإنسانِ ، لما تجـسّد وتـألّمَ وماتَ وقامَ ليـؤلّهَ الإنسانِ . فالإنسانُ هو مشروعُ اللهِ منـذُ البدء ، ولا سعادةَ للإنسانِ ولا سلامَ لهُ ، إلا بمقدارِ العلاقةِ التي يقيمها مع اللهِ . واللهُ بدورهِ لا يكفُّ عن جذبِ الإنسانِ نحوهُ ، ويسعى دائماً للقاءٍ بهِ ، معطياً أيّاهُ أن يفهمَ معنى وجودهِ وهدفَ حياتهِ
من أدمَ إلى يسوعَ:
منذُ الخلقِ الأولِ واللهُ يوحي ذاتَهُ ، خلقَ الإنسانَ ودعاهُ وألبسَهُ النعمةَ ، ليعيشَ معهُ بعلاقةٍ مميّزةٍ خاصة . ورغمَ خطيئةِ البشرِ ، واصلَ اللهُ تقرّبَهُ من الإنسانِ ، وشجّـعهُ وأعطاهُ الأملَ بالخلاص . عهدَ الخلاصِ هذا ، أقامهُ اللهُ مع آدمُ ، إذ وعـدهُ بأن " من صلبهِ يأتي من يخلّصهُ " ( تكوين 3 : 15 )
ومعَ نوحٍ حينَ شملَ العهدَ كلَّ الخليقةِ " خلّصَ اللهُ خليقتَهُ وذهبَ بها إلى حيثُ شاءَ " ( تك 8 : 21 ) ثم مع إبراهيمَ ، ألتزمَ اللهُ بتاريخنا التزاماً أبدياً صريحاً ( تك 13 : 15، 16 ) مع مـوسى تبنى اللهُ شـعبَهُ وأعطاهُ عهدَهُ شـريعةً مكتـوبةً ( خـروج 6 : 7 ) ( 2صموئيل 7 : 16 ) وهذا العهدُ تواصلَ في أقوالِ الأنبياءِ من جيلٍ إلى جيلٍ ، إلى أنّ " تمَّ ملءُ الزمن " وأوحىَ اللهُ ذاتَهُ بكامِلها مرسلاً أبنَهُ الوحيدَ ربَّنا يسوعَ " عمانوئيل " ليصيرَ إنساناً مثلَنا ويرفعَنا من عبوديةِ الخطيئةِ ، فنعودَ ونصبحَ شركاءَ معهُ في ميراثِ الملكوتِ السماوي . فبالمسيحِ " كلمةُ اللهِ الحيّ " ، قالَ اللهُ كلُّ شيءٍ ، كلُّ ما أوحاهُ تدريجياً للأنبياءِ ، قالهُ مرّةً واحدةً وبطريقةٍ كاملةٍ في أبنهِ ، لهذا فمَنْ يـريدُ أن يعرفَ وجهَ الأبِ حقاً يكفيهِ أن يلتقي بالأبن
بالأيمانِ يلبّي الإنسانُ دعوةَ اللهِ:
من خلالِ وحيهِ المتواصلِ ، عبرَ تاريخَ الخلاصِ ، والحاصلُ بفيضِ محبّتهِ ، توجّهَ اللهُ الذي لا يرى إلى الناسِ كأصدقاءِ ليدخلوا بعلاقةٍ معهُ ، فكانَ جوابهم على هذه الدعوةِ بالأيمان . لأنّهُ بالأيمانِ يضعُ الإنسانُ كاملَ حكمتهِ وأرادتهِ بتصرّفِ اللهِ ولا يكفي أن يؤمنَ الإنسانُ ، بل أن يطيعَ بحسبِ أيمانهِ ، فالكتابُ يقدّمُ لنا نماذجَ عن هذه الطاعةِ ، مع إبراهيمَ الخليل ، الطوباويّةُ مريمُ ، والرسلُ الأثني عشر
جوابُ إبراهيم:
بالإيمانِ يسمعُ إبراهيمُ كلامَ اللهِ ، وعملَ بكلِّ ما أمرهُ بهِ ، تاركاً أرضهُ وعشيرتهُ وبيتَ أبيـهِ إلى الأرضِ التي وعـدهُ بها ( تك 12 : 1 ) ، وبالأيمـانِ رزقَ أبناً وهو في شيخوختهِ ، ليجـعلَ اللهَ منهُ أمةً عظيمة ( تك 12 : 2 ) وبالأيمانِ أخذَ أبنهُ الوحيدَ أسحقَ ليقدّمهُ قرباناً للهِ على الجبلِ ، مؤكداً للهِ تـقواهُ وإيمـانَهُ ( تك 22 : 12 ) .
جوابُ مريمُ:
أمّا مريمُ التي أختارها اللهُ الآبُ واصطفاها من بينِ نساءِ العالمِ ، لتكونَ أمّـاً لأبنهِ المتجسّد ، فقبلت مسرورةً كلَّ ما أرادهُ اللهُ لها ، فارتضتْ أن تحملَ عبءَ مسيرةِ الخلاصِ الشاقةِ والطويلةِ
جاوبت بأنّها " أَمَـةٌ للربِّ " وأمنتْ بأنَّ اللهَ صادقٌ بوعودهِ وأنّهُ ليسَ من شيءٍ عسيرٍ عندهُ . فعاشتْ مع أبنها منـذُ لحظةِ البشارةِ وحتى أقـدامِ الصليبِ ، تصغي لألهها المتجسّد من حشاها وتتأملُ بصمتٍ عظيمَ محبّةِ اللهِ لشعبهِ . فصارت مثالاً للكنيسةِ بأيمانِها وطاعتِها وتضحيتِها
جوابُ الرسل:
والرسلُ الأثني عشر ، الذين دعاهم يسوعُ ، ليكونوا معهُ مشاركينَ في بشارةِ الخلاصِ ، وحاملينَ رسالتهُ ، تبعوهُ تاركينَ كلَّ شيءٍ مصغينَ إلى كلامهِ ، متمرّسينَ بأعمالهِ ، مؤمنين برسالتهِ ، معلنينَ بلسانِ بطرسَ : أنتَ المسيحُ أبنُ اللهِ الحيّ ، ومستعدينَ لأن يحملوا أسمهُ إلى كلِّ الأممِ ، ويموتوا في سبيلِ أيمانهم بهِ
ونحنُ مدعوونَ ومؤمنون:
واليومَ لا يزالُ اللهُ يدعو وبطرقٍ مختلفةٍ كلَّ إنسانٍ : يدعونا بواسطةِ كلمتهِ الحيّةِ في الكتابِ المقدس ، بواسطةِ جسدهِ ودمهِ في ذبيحةِ القدّاس ، بواسطةِ صليبهِ صليبِ الظفرِ والمجدِ ، بواسطةِ أسرارهِ ينابيعَ الحياةِ ، بواسطةِ تعاليمِ الكنيسةِ المقدّسةِ ، بواسطةِ بعضنا البعض لأننا "صورتهُ ومثالهُ".
وهذا الصوتُ الإلهي – السماوي ، يتفاعلُ معهُ الإنسانَ ويتجاوبُ صداهُ في أعماقِ نفسهِ ، " إنهُ يؤمنُ " يؤمنُ بالآبِ خـالقاً عادلاً وصالحاً ، يؤمنُ بالأبنِ إلهاً وإنساناً ومخلّصاً دياناً . يؤمنُ بالروحِ القدسِ روحاً مجدداً وربّاً محييّاً ، يؤمنُ بحـياةٍ أبديةٍ لانهايةَ لها يـشاهدُ فيها وجهَ اللهِ النيّر
ولكي يؤمنُ الإنسانُ ، هو بحاجةِ إلى نعمةٍ فائقةٍ من اللهِ ، ودعمٍ من الروحِ القدسِ ، الذي يعملُ فيهِ ويجاوبُ معهُ كلَّ الإيحاءاتِ ويجعلهُ يدركُ الحقائقَ اللأمحسوسَة من خلالِ علاماتٍ حسّيةٍ وعجائبَ وظهوراتٍ
عندها لا يعودُ الأيمانُ متناقضاً مع العقلِ والمنطقِ والتطوراتِ العلميّةِ ، لأن اللهَ هو نبعُ العقلِ والمنطقِ ، ووراءِ كلِّ أسرارِ الكونِ وتطوّره . ومَنْ يغُص ويبحثُ بعمقٍ وبطريقةٍ علميّةٍ في معرفةِ أسرارِ الأشياءِ ، يجدُ يدَ اللهِ الخفيّةِ تبدعُها وتحميها لتكونَ على ما هيَّ عليه
نعمةُ وقرارُ:
الأيمانُ هو هبةٌ من اللهِ ، يقبلُها الإنسانُ بإرادتهِ ويقولَ : " نعم " هو قرارٌ حرٌّ ، بموجبهِ يرتبطُ المؤمنُ بالمسيحِ ويتّحدُ به . فالحرّيّةُ هي شريعةُ المحبّةِ ، ولأنَّ اللهَ هو " المحبّةُ " فهو لا يفرضُ ذاتَهُ على الإنسانِ بل يتركُ لَهُ حرّيّةَ القرارِ . وقرارُ الأيمانِ يضعُ الإنسانَ في واقعٍ جديدٍ ، يرىَ فيهِ الحياةَ أكثرَ شفافيةَ وأخوّةَ ، ويتحمّلُ بفرحٍ كلَّ المسؤولياتِ الصعبةِ والاضطهاداتِ ، التي قد تصلُ بهِ أحياناً إلى الشهادةِ بالدمِ
هذا الأيمانُ يلزمُهُ تعمّقٌ دائمٌ في محبّةِ الله ، وتغذّيةٍ مستمرةٍ بالصلاةِ والأعمالِ ، يبقى جواباً صحيحاً وملائماً لظروفِ الحياةِ .
المؤمنُ والمؤمنون:
صحيحٌ أنّ الأيمانَ مجهودٌ شخصيٌ وجوابٌ حرٌّ على مبادرةِ اللهِ ، لكنّهُ ليسَ بعملٍ منعزلٍ . لا يستطيعُ أحدٌ أن يؤمنَ وحدَهُ كما لا يستطيعُ أحدٌ أنّ يعيشَ وحده
وما من أحدٍ أعطى ذاتهُ الأيمانَ ، كما ما من أحدٍ وهبَ ذاتَهُ الحياةَ ، فالمؤمنُ وصلةُ أيمانهِ من علاقتهِ وتضامنِهُ مع الآخرين ، وعليهِ أن يعيشَ هذا الأيمانَ انطلاقاً من ارتباطهِ بالآخرين
" أومنُ " هو جوابُ إنسانٍ يدعوهُ اللهُ ليدخلَ معهُ بشركةِ حياةٍ . على جرنِ المعموديّةِ لأكونَ أبناً لهُ ، فجوابي : "أومنُ"
" نؤمنُ " هو جوابُ كلُّ جماعـةٍ تلتـقي في الليترجيا ( الصلاةِ المنظّمة في الكنيسةِ مع الجماعةِ ) ، والكنيسةُ مع أساقفتها كهنتها وشمامستها ورهبانها وراهباتها ومؤمنيها ، بأيمانها تجيبُ على دعوةِ اللهِ لها ، ومحبّتهِ لها وخلاصها
والكنيسةُ " الأمُ والمربّيةِ " تربّي وتنّمي فينا الأيمانَ الذي يورثُنا الحياةَ الأبدية
فمنذُ أجيالِ وبواسِطةِ اللغاتِ والحضاراتِ والشعوبِ والأمم ، لا تبرحُ الكنيسةُ تعلنُ أيمانها الصحيحَ والواحدَ بإلهٍ واحدٍ : آبٍ خالقٍ وأبنٍ مخلصٍ وروحِ قدسٍ محيّ وبكنيسةٍ واحدةٍ ومعموديةٍ واحدةٍ وحياةٍ أبدية
ثالثاً : قانونُ الأيمان:
لا يزالُ المسيحيونَ يتلونهُ منذُ القرنِ الرابعِ ، معبّرينَ فيهِ عن مجملِ العقائدِ التي يؤمنونَ بها ، وهي:
الأيمانُ باللهِ الواحدِ الآب الضابطِ الكل
الأيمانُ باللهِ خالقَ السماءِ والأرضِ
الأيمانُ بيسوعِ المسيحِ أبنَ اللهِ الوحيدِ
الأيمانُ بالروحِ القدسِ والثالوثِ الأقدس
الأيمانُ بالكنيسةِ الواحدةِ الجامعةِ المقدّسةِ
الاعترافُ بالمعموديّةِ والأسرارِ المقدّسةِ
رجاءُ قيامةِ الموتى والحياةِ في الدهر الأتي

في قانونِ الأيمانِ أعلنَ آباءُ الكنيسةِ بوضوحٍ كلّيٍّ عن فكرتين أساسيتين متماسكتين
الفكرةُ الأولى : هي أن اللهَ واحدٌ ، آبٌ وأبنٌ وروحُ قدسٍ ، خالقُالكونِ كلِّه ، ما يرى فيهِ وما لا يرى ، وبالتجسّدِ أتّحدَ هو نفسهُ بخليقتهِ ، وبصعودهِ إلى السماءِ أصعدَ معهُ الخليقةَ وأجلسها على عرشِ الألوهية
والفكرةُ الثانية : هي أنَ الجنسَ البشريَّ قد أشتركَ اشتراكاً حقيقياً في حياةِ الله ومحبتهِ ومجدهِ الأزلي وما غايتهم ( الآباء ) وضعُ قانونٍ لمجموعةٍ من الصيغِ الفكريّةِ الجامدةِ ، بل كانَ القانونُ أنشودةَ مجدٍ ، وبالتالي توجيهِ التفكيرِ اللاهوتي اللاحقِ نحنُ المسيحيين لا نؤمنُ بصيغٍ وتعابيرِ إيماننا ارتباطَاً بحدثٍ وهذا الحدثُ هو شخصٌ حيٌّ نختبرُ صداقَتهُ ونلتزمُ محبّتَهُ . وخبرتُنا هذه هي التي نعبّرُ عنها في كلماتٍ بشريّةٍ ، خبرتُنا هي التي تعطي التعابيرَ معناها ، ونقيضُ ذلكَ انحرافٌ وضلالٌ . والذي نختبرهُ هو شخصُ الآبِ الينبوعُ الحيّ الذي يخلقُ ، وشخصُ الأبنِ الحياةِ التي تخلّصُ وتفتدي ، وشخصُ الروحِ القدسِ الشعلةُ التي يحيّ ، فاللهُ في عرفِنا ، إلهٌ شخصّيٌّ ، آبٌ وأبنٌ وروحُ قدسٍ والشخصُ وحدَهُ يستطيعُ أنّ يتكلّمَ ويوحي بنفسهِ والشخصُ هو في جوهرهِ علاقةٌ مع شخصٍ آخرَ ، وهكذا نصلُ للقولِ إنّهُ كما أغذّي جسدي فينمو ويعافى ، وكما أغذّي فكري فيتّسعُ ، ويبتكرُ ، وينيرُ ، كذلكَ أغذّي إيماني فينمو ويثمرُ ، ويضيءُ
أغذّي أيماني بالاطّلاعِ ، فأعرفَ من بهِ أومن كلما نمت معرفتي ليسوعَ أزددتُ حبّاً لهُ ، وإعجاباً بهِ وغيرتُ لشراكِ الناسِ في خطواتي

أغذّي أيماني بالصلاةِ : أنظرُ إلى يسوعَ ، أتاملُهُ ، أصغي إلى كلامهِ العذبِ ، فأنعمَ بألفتهِ ، أشاركهُ أفكارهُ وشعورهُ ومواقفهُ . وسيلتي الإنجيل
أغذّي أيماني بالمشاركةِ في الأسرارِ : أحيا معموديتي ، وتثبيتي ، والأفخارستيا ، ولا سيما قدّاسَ الأحد . أتوبُ إليهِ ، استنعشُ نعمةَ سرِّ الزواجِ أو الكهنوتِ في قلبي ومسلكيتي
أغذّي أيماني بالمشاركةِ في الرسالةِ : أنتمي إلى حركةٍ رسوليّةٍ ، أشاركُ في السهراتِ الأنجيليةِ والشبيبةِ وكلِّ النشاطاتِ
أغذّي أيماني بأعمالي : أتصرّفُ مسيحياً ، أعاملُ الناسَ مثلما أحبُّ أن يعاملوني ، أتحننُ على الفقيرِ والضعيفِ
أغذّي أيماني بنشرهِ : أنا مؤمن أن أشركتُ غيري في نعمةِ الأيمان . أخوتي أولادي ، رفقائي ، زملائي ، تلاميذي
وأختمُ كلامي مشاركاً القديسَ يعقوبَ في رسالتهِ : " أن لم يقترنْ الأيمانُ بالأعمالِ كانَ ميتاً في حدِّ ذاتهِ . وربَ قائلٍ يقولُ : " أنتَ لكَ الأيمانُ ، أنا لي الأعمال ، فأرني أيمانكَ من غير أعمال ، أركَ أن أيماني بأعمالي … ترون أنّ الإنسان يبررُ بالأعمالِ لا بالأيمانِ وحدهُ … فكما أن الجسدَ بلا روحٍ ميتٍ ، فكذلكَ الأيمانُ بلا أعمالٍ ميتٍ . يعقوب 2 : 17 – 26

التقويم اليولياني والغريغوري أي الشرقي والغربي

التقويم اليولياني والغريغوري
التقويم الشرقي والغربي
التقويم اليولياني وهو الشرقي الميلادي خلافاً التقويم الغريغوري الغربي . وقد سمّي باسم الإمبراطور julian caesar . التقويم الغريغوري واستخدمه البابا غريغوريوس الثالث عشر سنة 1582 وهو التقويم المعروف بالتقويم الغربي
استعملته التقاويم المرتكزه على تحركات الإرض والقمر ، منذ أقدم الأزمنه ، ولكن لم يكن أيّ منها كاملاً . وكانت أقدم سنة شمسية السنة المصرية الذي كان مبدؤها يوم يضع شروق القمري ……. ( أو الصور ) وقت شروق الشمس أو قبله قليلاً ، وكان ذلك عام 4241 ق . م . في 19 تموز . السنة 365 يوماً وربعِ اليوم . ولكن بعد مدّة من الزمن لم يعد يقع شروق الشمس والقمر في الوقت ذاته . فكان على الراصد المصري القديم أن يجري تعديلاً في تقويمهِ كي تبقى الفصول في أوانها بالنسبةِ إلى دورة الإرضِ حول الشمس . ولكن يظهر أن الراعي في المناطق الدافئة ، في تطوره الحضاري ، كان يعتمد القمر في وجوهه المختلفه ، من الهلال إلى المحاق ، فترة تصلح أن تكون له ( آيات وأزمنه ) ، كما تقول التوراه في مصر الخليقة . و ( مواتيت للناسِ والحج ) كما جاءَ في القرآن الكريم يسألونكَ عن الهلة قلّ هي مواقيت للناسِ والحج … ، البقرة 185 ، ذلك لأنّهُ ليس للشمس وجوه مختلفة وتطورات طاهره كما للقمر . والقمر في بلدان الشعوب الساميّة ، معبودٌ جميل حنون أرحم من الشمس المحرقة . ليلُ الراعي أروعُ من نهارهِ . فكانَ من الطبيعي أن يعتمدوهُ مقسماً للزمن
ولكن عندما صار الإنسان يعتمد الزراعة مصدراً للقوتِ ، وجدّ أنّ القمرَ لا يصلح أنّ يكونَ تاريخاً يعتمده في البذر والحصاد لأن السنة القمرية أقلُّ من السنة الشمسيّة . لذلكَ تأخذ الأشهر بالتراجعِ سنةٍ بعد أخرى . فقد لُحظَ مثلاً أنّ اشهر الصيف حسبِ التقويمِ القمري – تتراجعُ ويحلّ محلّها أشهر الخريف فالشتاءِ . بكلامٍ أخر وجدَ أنّ الأشهر القمرية تدور دورة لا تتلاءم والفصولِ الطبيعية . وهذا شهر رمضان ، شهر الصوم المبارك عند المسلمين . يكون ترةً في الصيفِ وطوراً في الشتاءِ ، وبعد انصرام 32.5 سنة تقريباً أو ( 34 سنةٍ قمرية ) ، يعودُ إلى مبدئهِ حسبِ السنة الشمسيةِ . ولهذا لجأت شعوبٌ ساميةٌ عديدة ومن بينها العر[ إلأى تعديل هذا الأختلافِ الواضح بين السنة الشمسية ( وعدد أيامها 365 يوماً وخمسِ ساعاتٍ و 48 دقيقة و 46 ثانية ) ، وبين السنة القمرية ( وعدد أيامها 354 يوماً و8 ساعات و48 دقيقة ) كي تقع الفصول الأربعة في أزمنتها . ( ومعدل الشهر القمري 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة ، هذا يختلف عن عمر القمر الفلكي الحقيقي بثانيتين و 8 أعشار الثانية ) أيّ بأختلاف يومٍ واحدٍ في مدى 2400 سنة . وفي القرن الأول قبل الميلاد ، حيث ردّ فعل ضد السنة القمرية . وقد تبلور رد الفعل هذا سنةِ 46 ق . م . عندما أقدمَ القيصر يوليوس بمساعدةِ المنجّم المشهور صوصحبين Sosigenes الإسكندراني اليوناني ، فوضع تقويمه الشمسي المعروف باسمه : التقويم اليوليوسي أو اليولياني . ومدة السنة فيه 365 يوماً و 6 ساعات . وجعلَ شباط 28 يوماً و 29 يوماً كل أربعِ سنوات لكي لا تدور الفصول على مدار السنةِ . وكان ذلكَ في عام 46 ق.م في السنة 709 لتأسيس مدينة روما . ومما هو جديرٌ بالذكر أن التقويم الذي أعتمده الرومان قبل يومليوس قيصر كان مكونّاً م عشرةِ أشهر وكانت تسميتها بالأرقام العددية ، فكانوا يقولون الشهر الأول والثاني والثالث الخ … وعندما وضع يوليوس تقويمه المشهور باسمه غيّروا الشهر القديم O uintilis أيّ الشهر الخامس الذي ولد فيه القيصر إلى يوليوس تعظيماً وتخليداً لاسمه ، وبعد اغتيالهِ نقل اسم الشهر يوليوس ( July ) من الشهر الخامس إلى الشهر السابع ( July ) أيّ إلى الشهر الذي اغتيل فيه ، وكان الشـهر الذي يلي هذا الشهر السادس S extilis ، ولكن مجلس الشيوخ قرر أن يغيّر اسمه إلى اغسطس باسم اغسطس قيصر أول قياصرة روما تعطيماً له ، لأن القيصر أحرز ، في هذا الشهر ، أعطم أنتصاراته ، وفيه كانت تقام حفلات تذكاريّه لهذه الأنتصارات ، وقد جعلوه 31 يوماً اسوةً بشهر يوليوس لكي لا يشعر اغسطسقيصر أنه أقل منزلة من يوليوس القيصر . وظلّت الأشهر الأربعة محفوظة باسمائها القديمة ، وهي مشتقة من اللاتينية فأيلول ( سبتمبر ) مشتقة م Septem ، ومعناها ( 7 ) ، واكتوبر مشتقة من Octo ومعناها ( 8 ) ، ونوفمبر من Novem ومعناها ( 9 ) وديسمبر من Decem ومعناها عشرة ، ويجب الملاحظة أن الشهر الأول كان شهر آذار وإذا بدأت بآذار على أنّه الشهر الأول تبين لكَ وجه تسمية هذه الأشهر ، ولكن حسب التقويم اليوليوسي ، فإنهما ليسا الشهران السابع والثامن ، كما في الترتيب الذي سبقه ، وفي الترتيب الجديد أيّ بزيادة July ، كشهرٍ سـابعٍ وأغسطس كشهرٍ ثامن دفـع بشهر السابع September إلى الشهر التاسع ودفع بالشهر Octoper الشهر الثامن إلى الشهر العاشر لأنهُ استبدل ب أغسطس فالشهر السابع اصبح تاسعاً والثامن أصبحَ عاشراً والتاسعَ November أصبحَ الحاديَ عشر ، العاشرDecember اصبحَ الثاني عشر ولا يزال هذا الترتيبُ بشهوره المناقضه بمعناها معتمداً في أيامنا الحاضرة
في عام 730 ميلادي اعلن الراهب الأنجلوسكسوني S TBEDE أن السنة اليوليانية المكونه من ( 365.5 ) يوماً ، ورأيه هي في الحقيقة أطول بمقدار أحدى عشرة دقيقة وعشرَ ثانية ، وسوف يجمع خطأ بمقدار حوالي يوماً واحداً كلّ ( 128 ) سنة ، ولكن لم يهتم برأيه أحد ولم يفعل شيءً حيال الموضوع ، ولم يصحح هذا الخطأ لثمانمائة سنة أخرى ( ثمانية قرون ) تلت
ولكن وفي عام 1582 قرر الخطأ المجتمع ليصل إلى عشرة أيام ، وفي تلك السنة أصدر البابا غريغوريوس الثالث عشر مرسوماً يقضي بأن يكونَ اليومَ التالي للرابع التالي من أكتوبر لعام 1582 هو اليوم الخامس عشر من أكتوبر ، وبهذا قد أسقك عشرة أيام ودشّنَ ما أصبح معروفاً بالتقويم الغريغوري ، وقد أتضحَ أن التقويم المكون من سنته العادية بِ ( 365 ) يوماً وكبيسته ( 366 ) يوماً سيحدث خطأ مقداره أكثر من ثلاثة أيام لكل 400 سنة وعليه فقد رويَّ لا بل جعلت لكل 3 سنوات من أربعة مئوية ( أيّ سنوات تنتهي بصفرين ) جعلت سنوات عادية وليس سنوات كبيسه ، وهكذا كان عام 1600 كبيساً ولكن العوام 1700 و 1800 و 1900 ليست كبيسة ، ولكن العام 2000 سيكونُ كبيساً . وحدث تعريفٌ جديدٌ للسنة الكبيسة وأصبحَ : الستة الكبيسة هي السنة التي تقسم على أربعة وبدون باقٍ ، باستثناء السنوات المئوية أيّ المنتهية لصفرين والتي تعتبر سنوات عادية ما لم تقسم على 400 بدون باقٍ
ولقد أحذ بالتقويم الغريغوري فوراً من قبل فرنسا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال و …….. . وفي خلال عامين جيءَ بمعظم الولايات الكاثوليكية الألمانية ، بلجيكا وأجزاء من سويسرا والأراضي المنخفضة إلى استعمال التقويم الجديد وتبعتهم هنغاريا في عام 1587
أمّا بقية الأراضي المنخفضة بالإضافة إلى الدانمارك والولايات البروتستانتية الألمانية فقد أحدثت التغير في التقويم عام 1699 – 1700
أبقت الولايات الألمانية البروتستانتية على حساب التقويم اليولياني لعيد الفصح ، وحتى عام 1776 . وفرضت الحكومة البريطانية التـقويم الغريغوري على كلّ ممتلكاتها بما فيها المستعمرات الأميركية في عام 1752
وأصدر البريطانيون مرسوماً يقضي بان يكون اليوم الثاني لليوم الثاني من سبتمبر 1752 هو الرابع عشر من سبتـمبر أيّ بخسارة ( 11 ) يوماً . وكلُّ الأيام التي سبقت …….. بِ O S أيّ النظام القديم . وقد نقل يومَ راس السنة إلى الأول من يناير بعد أن كان َ يوم 25 مارس . ( وكمثال على ذلك حسب النظام القديم 24 مارس ، 1700 كانت تتبع ب25 مارس 1701 ، فتاريخ جورج واشنطن والذي كان 11 فبراير 1731 O S أصبحَ فبراير 22 ، 1732 NS New Slyli بحسبِ النظامِ الجديد . وفي عام 1753 تبعتهم السويد إلى التقويم الغريغوري ، ولكنها بقيت تعيّد حسب التقويم اليولياني في أعياد الفصح من عام 1844 . وفي عام 1793 تبنت حكومة الثورة الفرنسية تقويماً من أثني عشر شهراً وكاّن شهر من 30 يوما مع إضافةِ خمسة أيام في سبتمبر لكل سنة عادية ويدسُ يوماً إضافياً لكل سنةٍ رابعة ، ولكن نابليون أعد العمل بالتقويم الغريغوري في عام 1806 . وأنتشر النظام الغريغوري فيما بعد إلى المناطق غير الأوروبية . أولاً في المستعمرات الأوربية ثم في البلدان المستقلة ، مستبدلين التقاويم المحلّية التقليدية على الأقل في النواحي الرسمية . فكان النظام الغريغوري في اليابان عام 1873 ، وفي مصر عام 1875 ، وفي الصين عام 1912 ، وفي تركيا 1925 ، وعادَ ما كان يصاحب هذا التغير في التقويم هزّة أو حدث هام سياسي أو ثوري . فالصين مثلاً بدأت حكومتها الجمهورية …….. السنتين ، منذ تأسيسها عام 1911 ، فكانَ عامُ 1948 مثلاً عام 37 بالنسبةِ لتأسيسها . ولكن بعد عام 1949 تبنى الشيوعيون التقويم الغريغوري
وفي عام 1918 أصدرت الحكومة الثورية في الأتحاد السوفياتي مرسوماً ينص بأن يكون اليومَ الذي يلي 31 يناير 1918 بحسبِ النظامِ القديم O S هو الرابع عشر من فبراير 1918 أيّ بحسبِ النظامِ الجديد N S وتبعت اليونان في عام 1923
وقد أبقت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية العمل بالتقويم اليولياني ، وهكذا فعلت أيضاً بعض الطوائف المسيحيّة شرق أوسطيّة في كنائسها . وهكذا ولأول مرّة في التاريخ كلّ الثقافات الرئيسة في العالم أصبحَ لها تقويم واحد لها ، وهو التقويم الغريغوري

St. Elie النبي الياس الغيور

St. Elie النبي الياس الغيور
Byzantine Icon أيقونة بيزنطية